انطلقت صباح اليوم في مدينة غزة حشود ضخمة ضمت الآلاف تقدمهم قيادات وكوادر وأعضاء الجبهة ومختلف فصائل العمل الوطني والمجتمعي والنقابي وشخصيات وطنية واعتبارية في المسيرة الجماهيرية المركزية التي نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على شرف الذكرى السادسة عشر لاستشهاد الأمين العام والقائد الوطني والقومي والأممي الرفيق أبوعلي مصطفى.
انطلق المسير الذي تقدمه كوادر الجيش الشعبي وعلم فلسطيني كبير من أمام منتزه البلدية في مدينة غزة وصولاً لساحة الجندي المجهول، حيث رفع المشاركون أعلام فلسطين ورايات الجبهة الشعبية ولافتات تطالب بإنهاء الانقسام وكسر الحصار، ورفعوا صندوقاً أسود يمثل الأزمات التي تقع على كاهل القطاع، فيما تقدم الحشد سرير لطفل مريض يرقد فيه كإشارة لضرورة تحييد القطاع الصحي عن التجاذبات السياسية، وعربة لأحد الباعة المتجولين تمثل حال الطبقات العاملة.
بدوره ألقى عضو المكتب السياسي للجبهة ومسئول فرعها في قطاع غزة الرفيق جميل مزهر كلمة وجه خلالها التحية لروح القائد الوطني أبو علي مصطفى صاحب التجربة النضالية الغنية والقائد المخلص الذي كرس جل حياته في النضال والمقاومة والمقاتل الشرس الذي لطالما كان مفعماً بروح الوحدة الوطنية.
كما وجه تحية العز والفخار للأمين العام أحمد سعدات ولأبطال عملية الرد على جريمة اغتيال الرفيق أبو علي مصطفى الذين أطاحوا برأس المجرم الصهيوني العنصري صاحب فكرة الترانسفير رحبعام زئيفي.
وفي سياق كلمته أشار مزهر إلى أن الوفاء لدماء الشهيد أبو علي مصطفى وكل الشهداء تتطلب منا إجراء مراجعة سياسية شاملة تضمن التحليل المعمق لطبيعة العدو باعتباره استعماراً كولنيالاً عنصرياً استيطانياً، وأن الانتصار عليه يتطلب التمسك بجذوة المقاومة والمواجهة لا التخلي عنها أو إضاعة الوقت في الولوج بدروب خاطئة.
كما دعا لضرورة التمسك بالمقاومة قولاً وفعلاً كما علمنا الرفيق الشهيد أبو علي باعتبارها ليست خياراً فقط بل إنها وجود وكرامة وحياة مقاومة سليمة وركيزة لصمود وانتفاضة شعبنا، ومقاومة مشروعة توجه ضرباتها لصدر العدو الصهيوني مستشهداً بمقولة الرفيق أبو علي” من قال أن هناك شعباً في العالم يقع تحت الاحتلال ويريد أن يعالج قضيته بتطييب الخواطر هذا لا يحدث أبداً”.
كما أكد مزهر على أن عنصر قوتنا يكمن بوحدتنا، وأن الوحدة الوطنية هي أساس تحرر الشعوب، على أن تبنى هذه الوحدة على الديمقراطية والصدق والأخلاق، فهي مشروع وطني متكامل يبدأ من الحوار الوطني الشامل والتنفيذ لمخرجاته ومقرراته.
ودعا مزهر لعقد مجلس وطني توحيدي يعيد الاعتبار والمكانة للمنظمة باعتبارها أداة تجمع طاقات شعبنا على برنامج وطني جامع قولاً وفعلاً ويعيد النظر في طبيعة السلطة ووظيفتها وعقيدتها الأمنية ويعفي شعبنا من آثار الانقسام وتداعياته بالاستناد إلى اتفاق القاهرة عام 2011 ومخرجات اللجنة التحضيرية في بيروت وبمشاركة الكل الوطني.
وحذر القيادة من المخاطر التي يمكن أن تترتب على عقد المجلس الوطني في رام الله سواء لجهة تعميق الانقسام أو التنازع على التمثيل والشرعية، مؤكداً على أن الجبهة ستواجه بقوة سياسة التفرد في القرار الوطني، واختطاف منظمة التحرير ومؤسساتنا الوطنية وستتصدى لأي محاولات لاستخدامها جزية ليس لها علاقة بالبرنامج الوطني الفلسطيني.
وطالب القيادة الفلسطينية بعدم المراهنة على سراب التسوية والإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن زيارة الوفد الأمريكي إلى المنطقة ولقائه بالرؤساء والزعماء العرب يهدف التحضير لطبخة مسمومة في إطار الحل الإقليمي الذي يقوم على التطبيع العلني ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية من خلال تبني الحل الصهيوني.
وعلى صعيد آخر أكد مزهر على موت اتفاق أوسلو وإلى الأبد، لافتاً إلى أن شعبنا وفصائله الحية والأصيلة قادرة على امتلاك زمام المبادرة، وتصويب المسار ومواجهة كل من يراهن على العودة لهذا الخيار التسووي.
وشدد مزهر على ضرورة وضع حد لسياسات العقاب الجماعي التي أدت لتفاقم معاناة شعبنا في القطاع، خاصة في ظل الأزمات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية المتزايدة ،لافتاً إلى أن القطاع على شفير كارثة حقيقية ضربت بالكامل جميع مفاصل الحياة من صحة، وتعليم، وخدمات.
وطالب السلطة للتكفير عن خطيئتها ووقف هذه العقوبات والإجراءات، والعمل مباشرة على تعزيز صمود شعبنا، وفي المقابل دعا حركة حماس إلى حل اللجنة الإدارية لنزع الذرائع ومنع المزيد من الإجراءات بحق القطاع.
وفي ذات السياق دعا مزهر لتشكيل كتلة ضغط شعبية متواصلة للضغط من أجل إنجاز ملف المصالحة وتعزيز صمود أبناء شعبنا.
وناشد مزهر الشقيقة مصر للتخفيف من حدة الحصار المفروض وفي مقدمته فتح معبر رفح، واتخاذ موقف ضد ما يتعرض له المسافرون من أبناء شعبنا من إذلال وامتهان الكرامة أثناء سفره من القاهرة وصولاً لمعبر رفح.
وحول ما تحقق في مدينة القدس من انتصار شعبي وحالة الالتحام الشعبية في الوطن والشتات مع أهلنا هناك، أكد مزهر على ضرورة البناء والمراكمة واستخلاص العبر من هذا الانتصار بما يساهم في تشكيل جبهة وطنية عريضة للتوحد في مواجهة المخططات الصهيونية والأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية.
وفي ختام كلمته ،قال مزهر “ونحن نحيي ذكرى قائد ثائر كبير خرج من رحم الفقراء والكادحين ليشكّل النموذج والمثل فإننا نؤكد له أننا على نهجه لسائرون إلى حيفا إلى يافا إلى القدس ،نعاهدك ونعاهد كل الشهداء أننا لن نسقط الراية وستظل خفاقة في سماء فلسطين وسنظل قابضين على زناد المقاومة ممسكين بالبندقية لا نتنازل عنها ولا تسليم لها،وستظل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين صوت الطبقات الشعبية المقهورة في عين الحلوة ورفح وجباليا والدهيشة وبلاطة وكل فلسطين من نهرها إلى بحرها”.